فصل: تفسير الآيات (1- 6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة لقمان:

.تفسير الآيات (1- 6):

{الم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)}
هذه السورة مفسَّرة فيما مضى إلى قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني: النَّضر بن الحارث، كان يخرج تاجراً إلى فارس، فيشتري أخبار الأعاجم، ثمَّ يأتي بها فيقرؤها في أندية قريش، فيستمحلونها ويتركون استماع القرآن، وقوله: {ويتخذها هزواً} أَيْ: يتَّخذ آيات الكتاب هزواً.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)}
{ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله} أَيْ: وقلنا له: أن اشكر لله.

.تفسير الآيات (14- 22):

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)}
{حملته أمه وهناً على وهن} أَيْ: لزمها بحملها إيَّاه أن تضعف مرَّةً بعد مرَّةً. {وفصاله} وفطامه {في عامين} لأنَّها ترضع الولد عامين {أن اشكر لي ولوالديك} المعنى: وصَّينا الإِنسان أن اشكر لي ولوالديك.
{وإن جاهداك} مُفسَّرٌ فيما مضى، وقوله: {وصاحبهما في الدنيا معروفاً} أَيْ: مُصَاحَباً معروفاً، وهو المستحسن {واتبع سبيل من أناب} رجع {إليَّ} يعني: اسلك سبيل محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد مرَّ.
{يا بني إنها إن تك مثقال} رُوي أنَّ ابنه قال له: إنْ عملتُ بالخطيئة حيث لا يراني أحدٌ كيف يعلمها الله عزَّ وجلَّ؟ فقال: {إنها} أي: الخطيئة {إن تك مثقال حبة من خردل} أو: السَّيِّئة، ثمَّ كانت {في صخرة} أَيْ: في أخفى مكان {أو في السموات أو الأرض} أينما كانت أتى الله بها ولن تخفى عليه، ومعنى {يأت بها الله} أَيْ: للجزاء عليها {إنَّ الله لطيف} باستخراجها {خبير} بمكانها. وقوله: {إنَّ ذلك من عزم الأمور} أي: الأمور الواجبة.
{ولا تصعر خدِّك للناس} لا تُعرض عنهم تكبُّراً {ولا تمش في الأرض مرحاً} مُتَبختراً مختالاً.
{واقصد في مشيك} ليكن مشيك قصداً، لا بِخُيلاء ولا بإسراع {واغضض} واخفض {من صوتك إنَّ أنكر الأصوات} أقبحها {لصوت الحمير}.
{ألم تروا أنَّ الله سخر لكم ما في السموات} من الشَّمس والقمر والنُّجوم لنتنفعوا بها {وما في الأرض} من البحار والأنهار والدَّوابِّ {وأسبغ} وأوسعَ وأتمَّ {عليكم نعمة ظاهرة} وهي حسن الصُّورة وامتداد القامة {وباطنة} وهي المعرفة، والباقي قد مضى تفسيره. إلى قوله تعالى: {أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير} أَيْ: موجباته، فيتَّبعونه.
{ومن يسلم وجهه إلى الله} يُقبل على طاعته وأوامره {وهو محسن} مؤمنٌ موحِّدٌ {فقد استمسك بالعروة الوثقى} بالطَّرفِ الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه {وإلى الله عاقبة الأمور} مرجعها.

.تفسير الآيات (24- 25):

{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)}
{نمتعهم قليلاً} بالدُّنيا {ثمَّ نضطرهم} نُلجئهم {إلى عذاب غليظ}.
{ولئن سالتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله} الذي خلقها {بل أكثرهم لا يعلمون} إذ أشركوا به بعد إقرارهم بأنَّه خالقهما.

.تفسير الآيات (27- 34):

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
{ولو أنَّ ما في الأرض من شجرة أقلام...} الآية. وذلك أنَّ المشركين قالوا في القرآن: هذا كلامٌ سينفذ وينقطع، فأعلم الله سبحانه أنَّ كلامَهُ لا ينفد {والبحر يمده} أَيْ: يزيد فيه، ثمَّ كتبت به كلمات الله {ما نفدت}.
{ما خلقكم ولا بعثكم إلاَّ كنفس واحدة} أَيْ: كخلق وكبعث نفسٍ واحدةٍ؛ لأنَّ قدرة الله سبحانه على بعث الخلق كقدرته على بعث نفسٍ واحدةٍ، وقوله: {ألم تر أنَّ الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجل مسمىً وأنَّ الله بما تعملون خبير}.
{ذلك} أَيْ: فعل الله ذلك لتعلموا {بأن الله هو الحق} الذي لا إله غيره. وقوله: {إنَّ في ذلك لآيات لكلّ صبار شكور} أَيْ: لكلِّ مؤمنٍ بهذه الصِّفة.
{وإذا غشيهم} علاهم {موج كالظلل} كالجبال. وقيل: كالسَّحاب. وقوله: {فمنهم مقتصد} أَيْ: مؤمنٌ مُوفٍ بما عاهد الله في البحر. وقوله: {كلُّ ختار} غدَّارٍ {كفور} جحودٍ. وقوله: {لا يجزي والد عن ولده} لا يكفي ولا يُغني عنه شيئاً، و{الغَرُور} الشَّيطان.
{إنَّ الله عنده علم الساعة} متى تقوم {وينزل الغيث} المطر {ويعلم ما في الأرحام} ذكراً أوأنثى.

.سورة السجدة:

.تفسير الآيات (1- 4):

{الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)}

.تفسير الآية رقم (5):

{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)}
قوله: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} يعني: القضاء من السَّماء فينزله إلى الأرض مدَّة أيام الدُّنيا {ثمَّ يعرج إليه} أَيْ: يرجع الأمر والتَّدبير إلى السَّماء، ويعود إليه بعد انقضاء الدُّنيا وفنائها {في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} وهو يوم القيامة، وذلك اليوم يطول على قومٍ ويشتدُّ حتى يكون كخمسين ألف سنة، ويقصر على قوم، فلا آخر له معلوم.

.تفسير الآيات (7- 8):

{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)}
{الذي أحسن كلَّ شيء خلقه} أَيْ: أتقنه وأحكمه {وبدأ خلق الإنسان من طين} آدم عليه السَّلام.
{ثم جعل نسله} ذريَّته {من سلالةٍ} نطفةٍ {من ماء مهين} ضعيفٍ حقيرٍ.

.تفسير الآيات (10- 14):

{وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)}
{وقالوا} يعني: منكري البعث {أإذا ضللنا في الأرض} صرنا تراباً وبطلنا {أإنا لفي خلق جديد} نُخلق بعد ذلك خلقاً جديداً.
{قل يتوفاكم} يقبض أرواحكم.
{ولو ترى} يا محمد {إذ المجرمون} المشركون {ناكسو رؤوسهم} مُطأطئوها حياءً من ربِّهم عزَّ وجلَّ، ويقولون: {ربنا أبصرنا} ما كنا به مُكذِّبين {وسمعنا} منك صدق ما أتت به الرُّسل {فارجعنا} فارددنا إلى الدُّنيا {نعمل صالحاً}
{ولو شئنا لآتينا كلَّ نفس هداها} رشدها. الآية. ويقال لأهل النَّار.
{فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا} أَيْ: تركتم الإِيمان به {إنا نسيناكم} تركناكم في النَّار.

.تفسير الآيات (15- 18):

{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}
{إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها} أي: وُعظوا {خرُّوا سجداً} لله سبحانه خوفاً منه {وسبحوا بحمد ربهم} نزَّهوا الله تعالى بالحمد لله {وهم لا يستكبرون} عن الإيمان به والسُّجود له.
{تتجافى جنوبهم} ترتفع أضلاعهم {عن المضاجع} الفرش ومواضع النَّوم {يدعون ربهم خوفاً} من النَّار {وطمعاً} في الجنَّة {ومما رزقناهم ينفقون} يصَّدَّقون.
{فلا تعلم نفس} من هؤلاء {ما أخفي لهم} ما أُعدَّ لهم {من قرة أعين} ممَّا تقرُّ به عينه إذ رآه.
{أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً} نزلت في أمير المرمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، والوليد بن عقبة بن أبي معيط.

.تفسير الآيات (21- 27):

{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27)}
{ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قيل: المصيبات في الدُّنيا، وقيل: القتل ببدر. وقيل: عذاب القبر. وقيل: الجوع سبع سنين، والأولى المُصيبات والجوع لقوله: {لعلهم يرجعون}. وقوله: {فلا تكن في مرية من لقائه} أَيْ: من لقاء موسى عليه السَّلام ليلة المعراج، وعده الله تعالى أن يريه موسى عليه السَّلام ليلة الإِسراء به.
{وجعلنا منهم} من بني إسرائيل {إئمة} قادة {يهدون} يدعون الخلق {بأمرنا لما صبروا} حين صبروا على الحقِّ.
{إنَّ ربك هو يفصل} يحكم {بينهم يوم القيامة} بين المُكذِّبين بك {فيما كانوا فيه يختلفون} من أمرك.
{أو لم يهد لهم} يتبيَّن لهم صدقك {كم أهلكنا} إهلاكنا مَنْ كذَّب الرُّسل منهم وهم {يمشون في مساكنهم} إذا سافروا، فيرون خرابَ منازلهم {إنَّ في ذلك لآيات أفلا يسمعون} آيات الله وعظاته.
{أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز} الغليظة التي لا نبأت فيها {فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون} هذا فيعلموا أنَّا نقدر على إعادتهم.

.تفسير الآيات (28- 30):

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)}
{ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين} وذلك أنَّ المؤمنين قالوا للكفَّار: إنَّ لنا يوماً يحكم الله بيننا وبينكم فيه، يريدون يوم القيامة، فقالوا: متى هذا الفتح؟ فقال الله تعالى: {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون} يُمهلون للتَّوبة.
{فأعرض عنهم} منسوخٌ بآية السَّيف {وانتظر} عذابهم {إنهم منتظرون} هلاكك في زعمهم الكاذب.